فصل: تفسير الآيات (72- 75):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتخب في تفسير القرآن



.تفسير الآيات (72- 75):

{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (72) يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74) اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75)}
72- هؤلاء المشركون إذا تلا أحد عليهم آياتنا الواضحات، وفيها الدليل على صحة ما تدعو إليه- أيها النبى- وفساد عبادتهم، تلحظ في وجوههم الحنق والغيظ الذي يستبد بهم، حتى ليكاد يدفعهم إلى الفتنة بالذين يتلون عليهم هذه الآيات. قل لهم- أيها النبى- تبكيتا وإنذاراً: هل تستمعو إلىَّ فأخبركم بشئ هو أشد عليكم شراً من الغيظ الذي يحرق نفوسكم؟ إنه هو النار التي توعَّد اللَّه بها الذين كفروا أمثالكم يوم القيامة، وما أسوأها مصيراً ومقاماً.
73- يا أيها الناس: إنا نبرز أمامكم حقيقة عجيبة في شأنها، فاستمعوا إليها وتدبروها: إن هذه الأصنام لن تستطيع أبدا خلق شيء مهما يكن تافها حقيراً كالذباب، وإن تضافروا جميعاً على خلقه، بل إن هذا المخلوق التافه، لو سَلَبَ من الأصنام شيئا من القرابين التي تقدم إليها، فإنها لا تستطيع بحال من الأحوال أن تمنعه عنه أو تسترده منه، وما أضعف الذي يُهَزْم أمام الذباب عن استرداد ما سلبه منه، وما أضعف نفس الذباب، كلاهما شديد الضعف، بل الأصنام كما ترون أشد ضعفا، فكيف يليق بإنسان عاقل أن يعبدها ويلتمس النفع منها؟.
74- هؤلاء المشركون ما عرفوا اللَّه حق معرفته، ولا عظموه حق تعظيمه حين أشركوا به العبادة أعْجَزَ الأشياء، مع أن اللَّه هو القادر على كل شيء، العزيز الذي لا يغلبه غالب.
75- وقد اقتضت إرادة اللَّه وحكمته أن يختار من الملائكة رسلا، ويختار من البشر كذلك رسلا، ليُبلِّغوا شرعه إلى خلقه، فكيف تعترضون على من اختاره رسولا إليكم؟ إن اللَّه سميع لأقوال عباده، بصير بما يفعلون ومجازيهم عليه.

.تفسير الآيات (76- 78):

{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (76) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)}
76- وهو سبحانه يعلم أحوالهم الظاهرة والباطنة، لا تخفى عليه منهم خافية، وإليه- وحده- مرجع الأمور كلها.
77- يا أيها الذين آمنوا لا تلتفتوا إلى تضليل الكفار، واستمروا على أداء صلاتكم تامة وافية راكعين ساجدين، واعبدوا ربكم الذي خلقكم ورزقكم، ولا تشركوا به أحدا، واعملوا كل ما فيه خير ونفع، كي تكونوا من المصلحين السعداء في أخراكم ودنياكم.
78- وجاهدوا في سبيل إعلاء كلمة اللَّه وابتغاء مرضاته حتى تنتصروا على أعدائكم وشهواتكم، لأنه سبحانه قربكم إليه، واختاركم لنصرة دينه، وجعلكم أمة وسطا، ولم يكلفكم فيما شرعه لكم ما فيه مشقة عليكم لا تحتملونها، ويسر عليكم ما يعترضكم من مشقة لا تطيقونها. بما فرضه لكم من أنواع الرُّخَص، فالزموا دين أبيكم إبراهيم في مبادئه وأسسه، وهو سبحانه الذي سمَّاكم المسلمين في الكتب المنزلة السابقة، وبإذعانكم لما شرعه الله لكم، تكونون كما سمَّاكم اللَّه، فتكون عاقبتكم أن يشهد رسولكم بأنه بلغكم، وعلمتم بما بلغكم به، فتسعدوا، وتكونوا شهداء على الأمم السابقة بما جاء في القرآن من أن رسلها بلّغتها، وإذا كان اللَّه قد خصكم بهذه الميزات كلها، فمن الواجب عليكم أن تقابلوها بالشكر والطاعة له، فتقيموا الصلاة على أتم وجوهها، وتعطوا الزكاة لمستحقيها، وتتوكلوا على اللَّه في كل أموركم، وتستمدوا منه العون. فهو معينكم وناصركم. فنعم المولى ونعم النصير.

.سورة المؤمنون:

.تفسير الآيات (1- 3):

{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3)}
1- تَحَقَّق الفلاح للمؤمنين بالله وبما جاءت به الرسل، وفازوا بأمانيهم.
2- الذين ضموا إلى إيمانهم العمل الصالح، هم في صلاتهم متوجهون إلى الله بقلوبهم، خائفون منه، متذللون له، يَحُسُّون بالخضوع المطلق له.
3- هم مؤثرون للجد، معرضون عمَّا لا خير فيه من قول وعمل.

.تفسير الآيات (4- 5):

{وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5)}
4- وهم محافظون على أداء الزكاة إلى مستحقيها، وبذلك يجمعون بين العبادات البدنية والعبادات المالية، وبين تطهير النفس وتطهير المال.
5- وهم يحافظون على أنفسهم من أن تكون لها علاقة بالنساء.

.تفسير الآيات (6- 13):

{إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13)}
6- إلا بطريق الزواج الشرعى أو بملكية الجوارى فلا مؤاخذة عليهم فيه.
7- فمن أراد الاتصال بالمرأة عن غير هذين الطريقين فهو متعدٍ للحدود المشروعة غاية التعدى.
8- وهم محافظون على كل ما ائتمنوا عليه من مال، أو قول، أو عمل، أو غير ذلك، وعلى كل عهد بينهم وبين الله أو بينهم وبين الناس، فلا يخونون الأمانات ولا ينقضون العهود.
9- وهم مداومون على أداء الصلاة في أوقاتها، محققون لأركانها وخشوعها، حتى تؤدى إلى المقصود منها، وهو الانتهاء عن الفحشاء والمنكر.
10- هؤلاء الموصوفون هم الذين يرثون الخير كله، وينالونه يوم القيامة.
11- هم الذين يتفضل الله عليهم بالفردوس، أعلى مكان في الجنة، يتمتعون فيه دون غيرهم.
12- وأن على الناس أن ينظروا إلى أصل تكوينهم، فإنه من دلائل قدرتنا الموجبة للإيمان بالله وبالبعث، فإننا خلقنا الإنسان من خلاصة الطين.
13- ثم خلقنا نسله فجعلناه نطفة- أي ماء فيه كل عناصر الحياة الأولى- تستقر في الرحم، وهو مكان مستقر حصين.

.تفسير الآيات (14- 18):

{ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16) وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (17) وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (18)}
14- ثم صيَّرنا هذه النطفة بعد تلقيح البويضة والإخصاب دما، ثم صيَّرنا الدم بعد ذلك قطعة لحم، ثم صيرناها هيكلا عظميا، ثم كسونا العظام باللحم، ثم أتممنا خلقه فصار في النهاية بعد نفخ الروح فيه خلقاً مغايراً لمبدأ تكوينه، فتعالى شأن الله في عظمته وقدرته، فهو لا يشبه أحد في خلقته وتصويره وإبداعه.
15- ثم إنكم- يا بنى آدم- بعد ذلك الذي ذكرناه من أمركم صائرون إلى الموت لا محالة.
16- ثم إنكم تبعثون يوم القيامة للحساب والجزاء.
17- وإننا قد خلقنا سبع سموات مرتفعة فوقكم، فيها مخلوقات لم نغفل عنها فحفظناها ودبرناها، ونحن لا نغفل عن جميع المخلوقات، بل نحفظها كلها من الزوال والاختلال، وندبر كل أمورها بالحكمة.
18- وأنزلنا من السماء مطراً بحكمة وتقدير في تكوينه وإنزاله، وتيسيراً للانتفاع به جعلناه مستقراً في الأرض على ظهرها وفى جوفها، وإنا لقادرون على إزالته وعدم تمكينكم من الانتفاع به، ولكنا لم نفعل رحمة بكم، فآمنوا بخالقه واشكروه.

.تفسير الآيات (19- 21):

{فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (19) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ (20) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21)}
19- فخلقنا لكم بهذا الماء حدائق من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة، ومنها تأكلون.
20- وخلقنا لكم شجرة الزيتون التي تنبت في منطقة طور سيناء، وفى ثمارها زيت تنتفعون به، وهو إدام للآكلين.
21- وإن لكم في الأنعام- وهى الإبل والبقر والغنم- ما يدل على قدرتنا وتفضلنا عليكم بالنعم، نسقيكم لبناً مستخرجاً مما في بطونها خالصاً سائغاً سهلا للشاربين، ولكم فيها سوى اللبن منافع كثيرة كاللحوم والأصواف والأوبار، ومنها تعيشون وترزقون.

.تفسير الآيات (22- 27):

{وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (22) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (23) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (24) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (25) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (26) فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (27)}
22- وعلى هذه الأنعام وعلى السفن تركبون وتحملون الأثقال، فخلقنا لكم وسائل الانتقال والحمل في البر والبحر، وبها يكون الاتصال بينكم.
23- وفى قصص الأولين عبرة لكم لتؤمنوا، فقد أرسلنا نوحاً إلى قومه، فقال لهم: يا قوم اعبدوا الله وحده، فليس لكم إله يستحق العبادة غيره، ألا تخافون عقابه، وزوال نعمه إن عصيتم.
24- فقال الكبراء من قومه الذين كفروا منكرين لدعوته صادِّين العامة عن اتباعه: لا فرق بين نوح وبينكم، فهو مثلكم في البشرية، ولكنه يريد أن يتميز عليكم بهذه الدعوة، ولو كان هناك رسل من الله- كما يزعم- لأرسلهم ملائكة، ما سمعنا في تاريخ آبائنا السابقين بهذه الدعوة، ولا بإرسال بشر رسولا.
25- ما هو إلا رجل به جنون، ولذلك قالوا: فانتظروا واصبروا عليه حتى ينكشف جنونه، أو يحين هلاكه.
26- دعا نوح ربه بعد ما يئس من إيمانهم، فقال: يا رب انصرنى عليهم، وانتقم منهم بسبب تكذيبهم لدعوتى.
27- فقلنا له عن طريق الوحى: اصنع السفينة وعنايتنا ترعاك، فتدفع عنك شرهم ونرشدك في عملك، فإذا حل ميعاد عذابهم، ورأيت التنور يفور ماء بأمرنا، فأدخل في السفينة من كل نوع من الكائنات الحية ذكراً وأنثى، وأدخل أهلك أيضاً إلا من تقرر تعذيبهم لعدم إيمانهم، ولا تسألنى نجاة الذين ظلموا أنفسهم وغيرهم بالكفر والطغيان، فإنى حكمت بإغراقهم لظلمهم بالإشراك والعصيان.

.تفسير الآيات (28- 30):

{فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (29) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30)}
28- فإذا ركبت واستقررت أنت ومن معك في السفينة فقل شاكراً ربك: الحمد لله الذي نجانا من شر القوم الكافرين الطاغين.
29- وقل: يا رب مكّنِّى من النزول في منزل مبارك تطيب الإقامة فيه عند النزول إلى الأرض، وهبْ لى الأمن فيه، فأنت- وحدك- الذي تُنزل في مكان الخير والأمن والسلام.
30- إن في هذه القصة عبراً ومواعظ، وإنا نختبر العباد بالخير وبالشر، وفى أنفسهم الاستعداد لكل منها.

.تفسير الآيات (31- 38):

{ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (31) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (32) وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38)}
31- ثم خلقنا من بعد نوح طبقة من الناس غيرهم وهم عاد.
32- فأرسلنا إليهم هودا وهو منهم، وقلنا لهم على لسانه: اعبدوا الله- وحده- فليس لكم إله يستحق العبادة غيره، وهو- وحده- الجدير بأن تخافوه، فهلا خفتم عقابه إن عصيتموه؟.
33- وقال الكبراء من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الله وما في الآخرة من حساب وجزاء، وأعطيناهم أكبر حظ من الترف والنعيم، قالوا منكرين عليه دعوته، صادين العامة عن اتباعه: لا فرق بين هود وبينكم، فما هو إلا بشر مماثل لكم في البشرية، يأكل من جنس ما تأكلون منه، ويشرب من جنس ما تشربون، ومثل هذا لا يكون رسولا لعدم تميزه عنكم.
34- وحذروهم في قوة وتأكيد، فقالوا: إن أطعتم رجلا يماثلكم في البشرية، فأنتم حقاً خاسرون لعدم انتفاعكم بطاعته.
35- وقالوا لهم أيضاً منكرين للبعث: أيعدكم- هود- أنكم تبعثون من قبوركم بعد أن تموتوا وتصيروا تراباً وعظاماً مجردة من اللحوم والأعصاب؟
36- إن ما وعدكم به بعيد جداً، ولن يكون أبداً.
37- ليس هناك إلا حياة واحدة هي هذه الحياة الدنيا التي نجد فيها الموت والحياة يتواردان علينا، فمولود يولد وحى يموت، ولن نبعث بعد الموت أبداً.
38- ما هو إلا رجل كذب على الله، وادعى أن الله أرسله، وكذب فيما يدعو إليه، ولن نصدقه أبداً.